بسم الله الرحمن الرحيم
أبو طلحة رضي الله عنه دُفِن بعد سبعة أيام من موته ولم يتغير
أبو طلحة رضي الله عنه دُفِن بعد سبعة أيام من موته ولم يتغير
روى ابن سعد في الطبقات (3/507)، وأبو يعلى في مسنده (3413) عن أنس رضي الله عنه قال:
(إن أبا طلحة قرأ سورة (براءة) فأتى على هذه الآية {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} فقال:
(ألا أرى ربي يستنفرني شابًا وشيخًا جهزوني)
فقال له بنوه:
(قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قُبض، وغزوت مع أبي بكر حتى مات، وغزوت مع عمر، فنحن نغزو عنك)
فقال: (جهزوني فجهزوه، فرَكِب البحرَ فمات، فلم يجدوا له جزيرةً يدفنوه فيها إلا بعد سبعةِ أيام فلم يتغير).
وأخرجه ابن حبان (7184) عن أبي يعلى.ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1889).
وأخرجه البيهقي (9/21) عن شيخه الحاكم وهو في مستدركه (2/104).
قلت: إسناده صحيح. وصححه الحافظ في الإصابة (4/96).
تنبيهات:
الأول:
أبو طلحة اسمه زيد بن سهل، أنصاري خزرجي، وهو زوج أم سُليم بنت مِلحان أم أنس بن مالك.
الثاني:
شهد أبو طلحة جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شجاعًا، مقدامًا، صيتًا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "لصوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة".
أخرجه أحمد (13105) وهو صحيح.
------------------------
حتى لا تصير وحشًا
أن عبد الله بن عمر كان يقلم أظفاره، ويقص شاربه في كل جمعة.
قلت: إسناده صحيح.
وقد صححه البيهقي في الموضع نفسه، وصححه النووي في الخلاصة (2/781)، وابن رجب في فتح الباري (5/358)، والألباني في الضعيفة تحت حديث (1112).
تنبيهان:
التنبيه الأول:
شيخ أحمد في الإسناد هو (أحمد بن عمرو بن المنذر). ولم أجد له ترجمة وأخشى أن يكون حصل فيه تحريف. ويغني عنه إسنادُ البيهقي فهو صحيح.
التنبيه الثاني:
جاء في الأدب المفرد للبخاري برقم (1258) من طريق نافع:
(أن ابن عمر كان يقلم أظافيره في كل خمس عشرة ليلة، ويستحد في كل شهر).
قلت: في إسناده شيخ البخاري (محمد بن عبد العزيز الرملي).
ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم، وأشاروا إلى أن عنده غرائب. كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/8).
وزد إلى ذلك أن الراوي عن نافع هو عبد العزيز بن أبي رواد.فمثل هذين الرجلين لا تقبل مخالفتهما لمن هو أوثق منهما.
فائدة:
قال أحمد كما في كتاب الترجل للخلال ص (158):
(فأما الشارب ففي كل جمعة؛ لأنه إذا تركته بعد الجمعة تصير وحشًا).
---------------------------------
لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر
أخرج عبد الرزاق (17060)، والنسائي (5666)، من طريق عبد الرحمن بن الحارث قال: سمعت عثمان بن عفان يخطب الناس فقال:
(اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إن رجلاً ممن كان قبلكم كان يتعبد ويعتزل النساء، فعلقته امرأة غاوية، فأرسلت إليه: أني أريد أن أشهدك بشهادة، فانطلق مع جاريتها، فجعل كلما دخل بابًا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، وعندها باطية فيها خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي، أو لتشرب من هذا الخمر كأسًا، أو لتقتل هذا الغلام وإلا صِحتُ بك وفضحتُك! فلما أن رأى أن ليس بدٌ من بعض ما قالت، قال: (اسقيني من هذا الخمر كأسًا)! فسقته فقال: (زيديني كأسًا)! فشرب فسكر، فقتل الغلام، ووقع على المرأة. فاجتنبوا الخمر فو الله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر في قلب رجل إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه).
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري.
تنبيه: روي هذا الحديث مرفوعًا عند ابن حبان (5348).
وهو ضعيف لا يصح مرفوعا بل الموقوف أصح كما قال الدارقطني في العلل (3/41).
تنبيه: معنى (باطية خمر) إناء خمر. قلت: وقصُّ الشارب كل جمعة هو مذهب جمهور الفقهاء.
---------------------------------
كيف لو رأوا زماننا
أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في بغية الباحث للهيثمي (895)، من طريق عروة قال: قالت عائشة:
(رحم الله لبيدًا قال:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
قال هشام: فكان أبي يقول: رحم الله عائشة فكيف لو رأت زماننا هذا).
قلت: إسناد صحيح.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد (183)، ومعمر في كتاب الجامع (20448).
بزيادة:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ... وَبَقِيتُ في نَسْلٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
يتحـدثون مخـافة ومـلاذة ... ويعـاب قائلهم وإن لم يـشغب
قالت عائشة: فكيف لو أدرك لبيد قوما نحن بين ظهرانيهم.
قال الزهري: وكيف لو أدركت عائشة من نحن بين ظهرانيهم اليوم.
تنبيهان:
الأول:
هذا الحديث من المسلسلات، فقد تسلسل بقول رواته: فكيف إذا أدرك فلان زماننا.وذكر الحافظ في الإصابة (9/382) أن التسلسل اتصل إلى ابن سعدان وابن منده.
قلت: بل اتصل هذا التسلسل إلى الإمام الذهبي رحمه الله حيث قال في السير (2/198):
(سمعناه مسلسلاً بهذا القول بإسناد مقارب).
الثاني:
لبيد: هو ابن ربيعة بن عامر الكلابي الجعفري، أبو جعفر. صحابي جليل كان فارسًا، شجاعًا، سخيًا، من فحول الشعراء. ولما أسلم ترك قول الشعر وقال: أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران.
---------------------------
الفاروق كان وقَّافًا عند كتاب الله تعالى
أخرج عبد الرزاق (18943)، وابن شبة في تاريخ المدينة (2/722)، من طريق الزهري، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أنه حرس ليلة مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبينا هم يمشون شبَّ لهم سراج في بيت، فانطلقوا يؤمونه حتى إذا دنوا منه، إذا باب مُجافٍ على قوم، لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر -وأخذ بيد عبد الرحمن-:
(أتدري بيت من هذا؟)
قال: قلت: (لا).
قال عمر: (هو ربيعة بن أمية بن خلف، وهم الآن شرب فما ترى؟)
قال عبد الرحمن: (أرى قد أتينا ما نهانا الله عنه نهانا الله فقال: (وَلَا تَجَسَّسُوا) [الحجرات: 12] فقد تجسسنا
فانصرف عنهم عمر وتركهم.
قلت: إسناده صحيح.
تنبيهان:
الأول:
ربيعة بن أمية سيأتي الكلام حوله بالتفصيل في الأثر الذي يلي هذا إن شاء الله.
الثاني:
معنى (شبّ لهم سِرَاجٌ): أضاء لهم مصباح.
ومعنى باب مُجاف: مغلق.
--------------------------
مات على الكفر فسقط وصفه بالصحبة
أن أبا بكر الصديق كان من أعبر الناس للرؤيا، فأتاه ربيعة بن أمية بن خلف فقال: إني رأيت في المنام كأني في أرض معشبة مخصبة، إذ خرجت منها إلى أرض مجدبة كالحة، ورأيتك في جامعة من حديد عند سرير ابن أبي الحسن، فقال أبو بكر: (أما ما رأيت لنفسك فإن صدقت رؤياك فستخرج من الإيمان إلى الكفر، وأما ما رأيت لي فأن ذلك دينه جمعه الله لي في أشد الأشياء السرير وذلك يوم الحشر)
قال: فشرب ربيعة الخمر في زمان عمر بن الخطاب، فهرب منها إلى الشام، وهرب منها إلى قيصر فتنصر، ومات عنده نصرانيًا.
قلت: قوَّى إسناده الحافظ في تعجيل المنفعة (1/526).
قلت: أمية بن خلف من رءوس الكفر وقد قتل في بدر كافرًا، وابنه صفوان بن أمية صحابي، وأما ربيعة فقد قال عن ربيعة -في التعجيل- (1/526): (ولكن عرض له الشقاء بعد ذلك، فمات على الكفر فسقط وصفه بالصحبة).
وقال في الفتح (7/4):
(وهو ممن أسلم في الفتح، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وحدث عنه بعد موته ثم لحقه الخذلان فلحق في خلافة عمر بالروم وتنصر بسبب شيء أغضبه).
--------------------------------
معنى الخليفة في الأرض
أخرج الحاكم في المستدرك (2/261) من طريق مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
(لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها أحد قال الله تعالى: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان، فأفسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء، فلما قال الله: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} يعنون الجن بني الجان، فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودًا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور قال فقالت الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} كما فعل أولئك الجن بنو الجان، قال: فقال الله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
قلت: إسناده صحيح.
----------------------------
فضل الأذان
(لو أطقت الأذان مع الخِلِّيفَى لأذَّنت).
وعند البيهقي (1/426) عن قيس بن أبي حازم قال:
(قدمنا على عمر بن الخطاب فسأل: من مؤذنكم؟ فقلنا: عبيدنا وموالينا. فقال -بيده هكذا يقلبها-: عبيدنا وموالينا إنَّ ذلكم بكم لنقصٌ شديدٌ لو أطقت الأذان مع الخليفى لأذنت).
قلت: إسناده صحيح.وقد جود إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/106).
وصححه الحافظ في المطالب العالية (1/130).
تنبيه:
الخِليفى: بتشديد (اللام) مع كسر الخاء المعجمة مقصور.
والمراد الخلافة.
-----------------------------
فلم أكن لأعين الشيطان عليك
أن ابن عمر مر على رجل ومعه غنيمات له فقال له: بكم تبيع غنمك هذه؟ قال: بكذا وكذا.
فقال ابن عمر: آخذها بكذا وكذا. فحلفَ –يعني البائع- أن لا يبيعها.
فانطلق ابن عمر فقضى حاجته فمر عليه.
فقال –البائع-: يا أبا عبد الرحمن خذها بالذي أعطيتني.
قال: حلفت على يمين فلم أكن لأعين الشيطان عليك أن أحنثك.
قال الهيثمي في الزوائد (4/329): (رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح).
قلت: هو في الطبراني من طريق مسدد وقد رواه مسدد في مسنده كما في المطالب العالية (2/106).
وقد صحح الحافظ إسناده.
قلت: بل إسناده حسن. من أجل يزيد بن كيسان اليشكري.
فقد قال عنه الحافظ في التقريب (يزيد بن كيسان اليشكري أبو إسماعيل أو أبو منين بنونين مصغر الكوفي صدوق يُخطئ).
وقال الذهبي في الكاشف (2/389): (حسن الحديث).
فائدة:
أحنثك: من الحنث وهو مخالفة اليمين. انظر: النهاية لابن الأثير (2/69).
-------------------------------------
دعاء سماع الرعد
(سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. ثم يقول: إن هذا لوعيدٌ لأهل الأرض شديدٌ).
ورواه مالك في الموطأ (2/992) عن عامر بن عبد الله بن الزبير قوله دون ذكر أبيه.
والأكثر من تلاميذ مالك رووه عنه موقوفًا على عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.
وهم:
عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد في الزهد (201).
وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري في الأدب المفرد (723).
ومعن بن زائدة عند ابن أبي شيبة في مصنفه (29824).
وعبد الله بن مسلمة -هو من رواة الموطأ- في الزهد لأبي داود (386).
وقتيبة بن سعيد عند أبي داود في الزهد (386)، والبيهقي (3/362).
قال ابن عبد البر في الاستذكار (8/588):
(ورواه غيره من رواة الموطأ فقالوا فيه: مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه).
فظهر أن يحيى بن يحيى الليثي وهم فيه –والله أعلم-
وأن المحفوظ هو عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.