دروس الشيخ الحالية : درس مباشر يلقيه شيخنا - حفظه الله - عبر إذاعة موقع ميراث الأنبياء من هنا كل جمعة الساعة 30 : 8 مساءً بتوقيت مكة المكرمة في شرح كتاب الطهارة من متن عمدة الأحكام ، وكل اثنين الساعة 30 : 9 مساءً بتوقيت مكة المكرمة درس في الشمائل المحمدية عبر الإذاعة ذاتها.
آخر المواد المضافة في الموقع :

الثلاثاء، 4 مارس 2014

آثار صحيحة سلفية عن أصحاب خير البرية (المجموعة الخامسة)


بسم الله الرحمن الرحيم


القمر يبكي من خشية الله


أخرج ابن المبارك في الزهد (1504) من طريق ابن أبي مليكة قال: حدثني ابن طارق قال:
مررت بعبد الله بن عمرو وهو ساجد يبكي فقمت فرفع رأسه وقال:
(أتعجب من بكائي ثم نظر إلى القمر، فقال: إن هذا ليبكي من خشية الله).
وعند وكيع في الزهد (25) من طريق ابن أبي مليكة قال: مر رجل على عبد الله بن عمرو، وهو ساجد في الحجر وهو يبكي، فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله، وهذا القمر يبكي من خشية الله؟ قال: ونظر إلى القمر حين شف أن يغيب.
قلت: إسناده صحيح.
قوله: حين شف أن يغيب. يعني كاد القمر يغيب ولم يبق منه إلا شيء قليل.
-------------------------------------


اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا

روى الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/380) من طريق سليم بن عامر الخبائري:
(
أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فناداه الناس، فاقبل يتخطى الناس فأمر معاوية فصعد المنبر فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا،اللهم إنا نستشفع إليك بـ (يزيد بن الأسود الجرشي).يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرع يزيد يديه ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك إن فارت سحابة في الغرب كأنها ترس وهبت لها ريح فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم).
قلت: إسناده صحيح.وقد صححه الحافظ في الإصابة (11/465).
تنبيه:
يزيد بن الأسود الجرشي من سادة التابعين بالشام، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره.
قال شيخ الإسلام كما في اقتضاء الصراط المستقيم (2/291):
(ولهذا قال الفقهاء: يستحب الاستسقاء بأهل الخير والدين والأفضل أن يكونوا من أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد استسقى معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي، وقال: اللهم إنا نستسقي بيزيد بن الأسود يا يزيد ارفع يديك. فرفع يديه ودعا، ودعا الناس حتى أمطروا وذهب الناس ولم يذهب أحدٌ من الصحابة إلى قبر نبي ولا غيره يستسقي عنده ولا به).
------------------------------


انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك

أخرج ابن شبة في تاريخ المدينة (3/799) من طريق عبيد بن حُنين، عن حسين بن علي رضي الله عنهما قال:
(أتيت عمر رضي الله عنه وهو على المنبر فقلت: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك! قال: إن أبي لم يكن له منبر، وأجلسني بين يديه، وفي يدي حصى فجعلت أقلبه، فلما نزل ذهب بي إلى منزله فقال لي: يا بني من علمك هذا؟ قلت: ما علمنيه أحد، قال: أي بني حلفتُ تغشانا حلفتُ تأتينا قال: فأتيته يومًا وهو خالٍ بمعاوية رضي الله عنه، وابن عمر رضي الله عنه بالباب لم يدخل فرجع ابن عمر رضي الله عنهما، فلما رأيته يرجع رجعت فلقيني عمر رضي الله عنه بعد ذلك فقال: أي بني لم أرَك أتيتنا.قلت: قد جئت وأنت خالٍ بمعاوية فرأيت ابن عمر يرجع فرجعت.قال: أنت أحق بالإذن من ابن عمر، وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم).
قلت: إسناده صحيح.
وقد صححه الذهبي في سير أعلام النبلاء (3/285)، والحافظ في الإصابة (2/549).
والأثر أخرجه العجلي في معرفة الثقات (1/302)، والخطيب في تاريخ بغداد (1/141)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/175).
تنبيه:
عند ابن شبة تحرفت (عبيد بن حنين) إلى (عبيد بن حسين).
وتحرفت (أنبت) إلى (أثبت).
وتابع عبيدَ بن حنين، عبد الله بن كعب عن حسين بن علي رضي الله عنهما، كما عند ابن شبة في تاريخ المدينة (3/798).
قلت:
الحسين رضي الله عنه كان دون الاحتلام.
وقول عمر رضي الله عنه (
وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم).

يعني: أن الرفعة ما نلناها إلا بطاعة الله تعالى واتباع جدك محمد صلى الله عليه وسلم.
-----------------------------

التفقه في أحكام البيع والشراء

أخرج الترمذي في جامعه (487) من طريق يعقوب مَوْلَى الْحُرَقَةِ قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

(لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين).
قلت: إسناده حسن.
قال الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله معلقًا على هذا الأثر في جامع الترمذي (2/357):
(نعم، حتى يعرف ما يأخذ وما يدع، وحتى يعرف الحلال والحرام، ولا يفسد على الناس بيعهم وشراءهم بالأباطيل والأكاذيب، وحتى لا يدخل الربا عليهم من أبواب قد لا يعرفها المشتري، وبالجملة: لتكون التجارة تجارة إسلامية صحيحة خالصة، يطمئن إليها المسلم وغير المسلم، لا غشٌ فيها ولا خداع).
--------------------------------

وفاة عمرو بن العاص - رضي الله عنه - المبشر بالجنة

أخرج أحمد (17781) من طريق أبي نوفل بن أبي عقرب قال:
(جَزِع عمرو بن العاص عند الموت جزعًا شديدًا فلما رأى ذلك ابنه عبد الله بن عمرو قال: يا أبا عبد الله ما هذا الجزع؟ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك؟ قال: أي بني قد كان ذلك وسأخبرك عن ذلك: إني والله ما أدري أحبًا ذلك، كان أم تالفًا يتألفني، ولكن أشهدُ على رجلين أنه قد فَارق الدنيا وهو يُحبُّهما: ابن سُمية وابن أم عبد. فلما حدثه وضع يده موضع الغِلال من ذقنه، وقال: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا، ولا يسعُنا إلا مغفرتك وكانت تلك هِجِّيراه حتى مات).
قلت: إسناده صحيح.
هِجِّيرَاه: كلامه ودأبه وشأنه.
والهجير: العادة والدأب والديدن.
تنبيه:
أصل قصة وفاته أخرجها مسلم (121) بسياق أطول وفيه قال ابنه:
(
فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول يا أبتاه أما بشرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا أما بشرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا قال فأقبل بوجهه).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في رياض الصالحين شارحا ومبينا البشارة (4/137):
(فقال له ابنه: علام تبكى وقد بشرك النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة).
قلت:
رضي الله عن عمرو بن العاص فقد: (كان من رجال قريش رأيا، ودهاءً، وحزمًا، وكفاءة، وبصرًا بالحروب، ومن أشراف ملوك العرب، ومن أعيان المهاجرين).
السير (3/55).

------------------------------

المنافقون الذين قتلوا عثمان -رضي الله عنه- يريدون منه أن يخلع قميص الخلافة

أخرج أحمد في فضائل الصحابة (767) من طريق نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
(استشارني عثمان، وهو محصورٌ، فقال: ما ترى فيما يقول المغيرةُ بن الأخنس؟ قلتُ: ما يقول؟ قال: يقولُ إنَّ هؤلاء القوم إنَّما يريدون أنْ تخلعَ هذا الأمر! وتخلي بينهم وبينه! فقلتُ: أرأيتَ إنْ فعلتَ أمخلَّفٌ أنتَ في الدنيا؟ قال: لا. قلتُ: أفرأيتَ إنْ لم تفعلْ؟ هل يزيدون على أنْ يقتلوك؟ قال: لا. قلت: أفيملكونَ الجنَّةَ والنَّارَ؟ قال: لا. قلتُ: فإني لا أرى أنْ تَسُنَّ هذه السنةَ في الإسلامِ، كلما اسْتَخَطوا أميرًا خَلَعُوه، ولا أنْ تخلعَ قَميصًا ألْبَسَكَهُ الله عزَّ وجل).
قلت: إسناده صحيح.
تنبيه:

وهذا الأثر العظيم يؤكد ما عهده النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه، فقد عهد إليه: إنْ قمَّصه الله قميصًا وأرادوه على خلعه فلا يخلعه لهم، ففي سنن ابن ماجه (112)، عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عُثْمَانُ إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ" -يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- قَالَ النُّعْمَانُ: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا مَنَعَكِ أَنْ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أُنْسِيتُهُ!
----------------------------

فاصبر إن وعد الله حق

أخرج الطبري في التاريخ (3/114)، من طريق أبي رزين قال:
(
لما وقع التحكيم ورجع علي من صفين رجعوا مباينين له فلما انتهوا إلى النهر أقاموا به فدخل علي في الناس الكوفة، ونزلوا بحروراء، فبعث إليهم عبدالله بن عباس فرجع ولم يصنع شيئا، فخرج إليهم علي فكلمهم حتى وقع الرضا بينه وبينهم، فدخلوا الكوفة فأتاه رجل فقال: إن الناس قد تحدثوا عنك رجعت لهم عن كفرك، فخطب الناس في صلاة الظهر فذكر أمرهم فعابه فوثبوا من نواحي المسجد يقولون: لا حكم إلا لله، واستقبله رجل منهم واضع إصبعيه في أذنيه فقال: [وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ] فقال علي [فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ].
قلت: إسناده صحيح.
وجاء عند ابن أبي شيبة (39046) أن عليًا كان في صلاة فترك سورته التي كان فيها، وقرأ: [فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ].
لكنه من طريق عمران بن ظبيان وهو ضعيف.

-------------------------

وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ

أخرج ابن أبي شيبة (14292) من طريق السدي، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
(من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها، وإن هَمَّ بعدن أبين أن يقتل عند المسجد الحرام، أذاقه الله من عذاب أليم، ثم قرأ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}.
قلت: إسناده حسن.
وقال ابن كثير في تفسيره (5/411): (صحيح على شرط البخاري).

قلت: السدي وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة. لم يخرج له البخاري. وهو حسن الحديث.
وقال الحافظ في المطالب (5/136): (موقوف قوي الإسناد).
وروي مرفوعًا ولا يصح، بل الصحيح فيه الوقف.

------------------------

أفرس الناس

أخرج ابن أبي شيبة (38213) من طريق أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:
أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين تفرس في عمر فاستخلفه، والتي قالت: {اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُوالعزيز حين قال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}.
قلت: إسناده صحيح.
وتابع أبا الأحوص أبو عبيدة عن أبيه عبد الله. أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/273).
قال الدارقطني عن الطريقين في العلل (5/321): (ويشبه أن يكونا صحيحين).
وصححه الحاكم والذهبي (3/90).
قال الحاكم:(فرضي الله عن ابن مسعود لقد أحسن في الجمع بينهم بهذا).
قلت: والفراسة هي:
ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون أحوال بعض الناس، بنوع من الكرامات وإصابة الظن والحدس، ومنها قد يُتعلَّم بالدلائل والتجارب.
انظر: النهاية لابن الأثير (3/428).

----------------------------

تفسير ما لا علم لك به من كتاب الله تعالى

أخرج سعيد بن منصور في سننه (39) ابن أبي مليكة قال:سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن آية من كتاب الله عز وجل، قال: آيةُ أرض تقلني، أو آية سماء تظلني، أو أين أذهب، وكيف أصنع إذا أنا قلت في آية من كتاب الله بغير ما أراد الله بها؟
قلت: إسناده حسن لغيره.
فإن ابن أبي مليكة لم يسمع من أبي بكر رضي الله عنه.
لكن تابعه إبراهيم التيمي عند ابن أبي شيبة (30731).
والشعبي عند ابن أبي شيبة (30727).
وأبو معمر الأزدي عند الطبري (1/35).
والقاسم بن محمد عند البيهقي في شعب الإيمان (2082).
قال الحافظ في الفتح (13/271):
(وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن الأب ما هو؟ فقال: أي سماء تظلني فذكر مثله، وهو منقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر).
فائدة:
قال الإمام الألباني في الصحيحة تحت حديث (2507):

(فقد أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رضي الله عنها رأسها، فقالت: ألا عذرتني؟ فقال: أي سماء تظلني، و أي أرض تقلني إن قلت ما لا أعلم).
قلت:
لكن رواه ابن شبة في تاريخ المدينة (1/337) عن مجاهد مرسلا.
وهو ما رجحه الدارقطني في علله (1/266).

جميع الحقوق محفوظة لـ © موقع الشيخ عرفات بن حسن المحمدي