دروس الشيخ الحالية : درس مباشر يلقيه شيخنا - حفظه الله - عبر إذاعة موقع ميراث الأنبياء من هنا كل جمعة الساعة 30 : 8 مساءً بتوقيت مكة المكرمة في شرح كتاب الطهارة من متن عمدة الأحكام ، وكل اثنين الساعة 30 : 9 مساءً بتوقيت مكة المكرمة درس في الشمائل المحمدية عبر الإذاعة ذاتها.
آخر المواد المضافة في الموقع :

السبت، 21 يونيو 2014

رد الشيخ الفاضل عرفات بن حسن المحمدي على قول الأخ أبي الفضل محمد بن عمر الهلاك الليبي : (ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﺄﺩﻟّﺘﻪ ﻻ ﻳﻨﺤﺮﻑ ﺃﺑﺪﺍً) :: صوت وتفريغ :: مع بيان تراجع أبي الفضل


بسم الله الرحمن الرحيم

رد الشيخ الفاضل عرفات بن حسن المحمدي
على قول الأخ أبي الفضل محمد بن عمر الهلاك الليبي :
(ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﺄﺩﻟّﺘﻪ ﻻ ﻳﻨﺤﺮﻑ ﺃﺑﺪﺍً)


رابط مباشر لتحميل المادة الصوتية



اضغط هنا

:: التفريغ ::


الجواب : نعم على كل حال هذا الكلام غير صحيح ، هذا الكلام باطل ورأيته استدل بقصة هرقل ، لأنه في كلامه يقول : ((لا ينحرف أبدا)) وهذا لا يقال ، بل إنه في حديث هرقل نفسه الذي استدل به حجة عليه،لأنه يستدل بكلام هرقل وهرقل معروف أنه كافر لم يسلم مع معرفته للحق ،ومعروف أن هرقل تيقن أن النبي عليه الصلاة والسلام أنه رسول ، ما شك في ذلك ، لكن لأجل سلطانه ولأجل رئاسته آثر الضلال على الحق وآثر الكفر استبقاءً لملكه كما ذكر ذلك العلماء ، فهل هرقل عرف الحق أم لم يعرفه؟
الجواب عرف الحق وعلم الحق ومع ذلك انحرف ومات على كفره ونصرانيته فكيف يقول لا ينحرف أبدا الذي يعرف الحق ؟! فهو يستدل بهذا الحديث على أن الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب لا ينحرف صاحبه أبدا ، ولهذا جاء في صحيح البخاري من حديث أنس أن رجلا نصرانيا أسلم وقرأ القرآن، قرأ البقرة وآل عمران ، هذا الرجل كان يكتب للنيبي عليه الصلاة والسلام الوحي فارتد وكفر وزعم أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يدري ما يكتب له إلا ما كتبه له هذا النصراني ، يقول أنا الذي كنت أكتب لمحمد ، فأماته الله عز وجل فدفنوه لأنه ارتد وصار مع النصارى ، دفنوه النصارى فلفضته الأرض عقوبة له ، فقالوا هذا من فعل محمد فحفروا له وأعمقوا فلفظته الأرض مرة ثانية وثالثة حتى قالوا هذا ليس من الناس فألقوه.
هذا الرجل عرف الحق وقرأ القرآن وعرف الحق مع ذلك ارتد ، ارتد ومات على ردته ، والأدلة كثيرة في ذلك .
في زمن الصديق رضي الله عنه ارتد بعض الصحابة ومنهم من رجع ومنهم من مات على ردته ، ولهذا في حديث الحوض قال العلماء لما قال النبي عليه الصلاة والسلام أصحابي أصحابي قالت الملائكة إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، جاء في صحيح البخاري أصيحابي أصيحابي ، هم قلة قليلة ماتوا في زمن أبي بكر الصديق على ردتهم فقال سحقا سحقا لمن بدل من بعدي ، هؤلاء عرفوا الحق مع ذلك تركوه وكفروا .
الهداية والإضلال لا شك ولا ريب أنها بيد الله سبحانه وتعالى كما قال الله :(( ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء )) ، والأدلة في ذلك كثيرة ،(( من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها )) ، فهذا دليل، هذه الأدلة ، دليل أو أدلة على ماذا ؟ على أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي وهو الذي يضل بيده الأمر ، هذا ما عليه أهل السنة والجماعة من أن الهداية والإضلال هي فعل الله سبحانه وتعالى ، لا كما تقول المعتزلة القدرية أن الهداية والإضلال من فعل العبد فقط ليست من فعل الله تعالى ، ولا كما تقول الجهمية الجبرية أن الهداية والإضلال من فعل الله لا من فعل العبد وهذا كلام غير صحيح ، كلا القولين باطلان وكل ذلك باطل ، الذي عليه أهل السنة والجماعة : الهداية والإضلال هي فعل الله سبحانه وتعالى ، والاهتداء والضلال فعل العبد ، فإذا قلنا الهداية في حقه المقصود ماذا ؟ بيان الحق وإرشاده وتوفيقه وتسديده كله من الله فمن شاء وفقه ومن شاء سدده أي من خلقه والمراد أيضا بالإضلال في حقه تعالى أنه يضل من شاء من خلقه فقد يوكل العبد إلى نفسه ولا يعينه على الخير فيضل هذا العبد يعاقبه بجنس عمله كما ذكر ذلك العلماء ، أما العبد الذي هو في حقه أنه هو فاعل لهذا الضلال أو فاعل لهذا الهدى ، الطاعة ، المعصية يفعلها على الحقيقة فكيف يقول لا ينحرف أبدا ؟! هذا غير صحيح ، ولهذا نجد أن شيخ الضلال وداعي الكفر كما قال ابن القيم وإمام الفجرة عدو الله إبليس أليس هو قد عرف الحق ؟! عرف الحق بدلائله لكنه استكبر عن هذا الحق ((إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين)).
أبو طالب مات على ملة عبد المطلب وهو يعرف الحق ، فهل لما عرف الحق لم ينحرف عنه ؟! هو منحرف أصلا ما آمن مع معرفته للحق .
ولهذا قال للنبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (( لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك )) كما في صحيح مسلم .
وانظروا إلى شعره وهو يصرح وأنه قد تحقق نبوة النبي عليه الصلاة والسلام وقد تحقق صدقه :
ولقد علمت بأن دين محمد ..... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة ..... لوجدتني سمحا بذلك مبينا
وأيضا من شعره اللامية المشهورة :
لقد علموا أن ابننا لا مكذب ..... لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
فهذه الأشعار تدل على ماذا ؟
عرف الحق أبو طالب لكنه مات على كفره وتركه .
فقول القائل : الذي يعرف الحق ويخالط قلبه أو يعني بشاشة قلبه أو كما قال لا ينحرف أبدا هذا غير صحيح ، أليس النبي عليه الصلاة والسلام أخبر عن القضاة وأنهم ثلاثة وذكر منهم أي من القضاة : رجل عرف الحق فقضى به وهذا في الجنة .
ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ، إذن عرف الحق مع ذلك في النار هو.
هل يقال هذا أنه لا ينحرف أبدا ، ثم نسأل نحن القائل لهذه المقولة نسأله : هل أنت على الحق وعرفته بدلائله ؟ لا شك أنه سيقول نعم أنا على الحق وأنا أدعو إلى الحق .
فهل أنت لا تنحرف أبدا ؟!
وأين أنت إذن من الصحابة الذين خافوا على أنفسهم النفاق كما جاء في البخاري معلقا من حديث ابن أبي مليكة بل جاء في مصنف ابن أبي شيبة أن زيد بن وهب يذكر عن حذيفة لما مات رجل من المنافقين ما صلى عليه حذيفة ، فخرج عمر وقال له : أمن القوم هو ؟
هل هذا أنت ما صليت عليه لأنه منافق ؟ فقال : نعم .
فقال عمر : بالله منهم أنا ؟ عمر يقول : بالله منهم أنا ؟ فقال له حذيفة : لا ، ولن أخبر به أحدا بعدك.
هذا الكلام صدر من عمر عند غلبة الخوف كما قال العلماء وعدم أمن المكر ، فإذا كان عمر يعني وهو عمر أمير المؤمنين المبشر بالجنة رضي الله عنه وأرضاه يقول هذا الكلام ، لا يقال لأن فلانا لا ينحرف أبدا ، إنما يقال في فلان أنه لا ينحرف إذا هذا في حق المشهود له بالجنة والمشهود له بالرضا .
نعم إذا جاءت النصوص تبين أن فلانا قد شهد له بالجنة وأن الله رضي عنه ، نعم لا ينحرف لأن الله لا يرضى إلا عن رضي.
أما تطلق القول وتقول لا ينحرف أبدا من دخل الإيمان إلى قلبه وتستدل يعني بما قاله هرقل .
الله يقول في القرآن : (( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا )) إلى آخر الآيات .
إذن الإنسان قد يعرض له الهوى بعد أن يعرف الحق فيجحد هذا الحق عن هوى ومن هنا جاء كلام العلماء المشهور وهي مقولة نقلت عن سفيان بن عيينة في أنه : ((من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود)) ، لماذا ؟ لأن اليهود عرفوا الحق فغضب الله عليهم ، ((ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى)).
والله يقول : ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)) ، يعني أنتم علمتم الحق وتلوتم الكتاب مع ذلك ما فعلوا هذا وتركوه ((وتنسون أنفسكم))، فالإنسان قد يترك الحق لهوى ، قد يتركه من أجل قرابة ، قد يتركه رغبة ورهبة لأمر من الأمور ، ولهذا ابن القيم رحمه الله قد ناقش هذه المسألة بعينها وتوسع فيها وتكلم وبين أن هذا القول غير صحيح ، بل هو قول باطل.
فلا يقال أن الإنسان لو عرف الحق وخالط قلبه أو بشاشة قلبه أن هذا لا ينحرف أبدا ، هذا غير صحيح هذا .
وقد أشرت في كلمة سابقة أنه لا بد من فهم الكلام فهما جيدا ، لا بد للإنسان إذا قرأ يعني العلم أن يفهم الكلام فهماً جيدا حتى يدرك ماذا يريد العلماء بهذه المسائل ، لا سيما المسائل الدقيقة التي تتعلق في باب القدر أو في باب الهداية والإضلال .
فأنا أنصح كل من يسمع أن يرجع إلى كتاب ((مفتاح دار السعادة )) فقد أجاد ابن القيم رحمه الله ،وكذلك في كتابه الهداية هداية الحيارى الذي هو رد على اليهود والنصارى أيضا تكلم عن هذه المسائل.

فرغه : الأخ الفاضل أبو عثمان زين الدين الباتني - جزاه الله خيراً -



تراجع أبي الفضل محمد بن عمر الهلاك الليبي - وفقه الله -

ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺍلصلاة والسلام ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﺑﻌﺪ : ﻓﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ ﺭﺩ ﺃﺧﻲ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺻﺪﺭ ﻣﻨﻲ ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﺻﺎﺏ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻭﻓﻖ ﻓﻰ ﺍﻟﺮﺩ ﺑﺎلأﺩﻟﺔ ﺟﺰﺍﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮﺍ ﻭﺃﻧﻨﻲ ﻗﺪ ﺃﺧﻄأﺕ ﻓﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻓﺄﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺗﻮﺏ ﺍﻟﻴﻪ.
ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ ﻣﻮﺻﻮﻝ ﻟﻪ ﻭﻟﻜﻞ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻦ ﻭﺃﻛﺮﺭ ﺃﻥ ﺻﺪﺭﻱ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﻗﺒﻞ ﺑﻴﺘﻲ ﻓﻰ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﻱ ﺃﻣﺮ ﺃﺧﻄأﺕ ﻓﻴﻪ .
 ﻭﺟﺰﺍﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮﺍ ، والله الموفق لكل خير.
جميع الحقوق محفوظة لـ © موقع الشيخ عرفات بن حسن المحمدي