بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
هل أقرَّ الصحابة - رضي الله عنهم - أبا طلحة رضي الله عنه
حين أكل البرد وهو صائم ؟
إليك أثر أبي طلحة -رضي الله عنه- والجواب عنه من أوجه :
أولا : تخريج أثر أبي طلحة رضي الله عنه [1]:
أخرج أحمد (13971)، من طريق قتادة وحميد.
وأخرجه البزار (7428)، والطحاوي (5/115)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (19/420)، من طرق عن قتادة.
وأخرجه الطحاوي في المشكل (116)، من طريق ثابت.
ثلاثتهم (قتادة- حميد- ثابت) عن أنس رضي الله عنه قال:
مطرنا بردًا، وأبو طلحة صائم فجعل يأكل منه قيل له: أتأكل وأنت صائم؟ فقال: إنَّما هذا بركةٌ.
قلت : إسناده صحيح [2].
ثانيًا : الجواب عنه من وجوه :
الوجه الأول :
انفرد أبو طلحة رضي الله عنه بهذا القول ولم يوافقه عليه أحدٌ [3].
بل أنكروا عليه، كما في الأثر نفسه: قيل له: أتأكل وأنت صائم؟
قلت : وهذا إنكار.
قال البزار: (ولا نعلم روي هذا الفعل إلاَّ عَن أبي طلحة) [4].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وهكذا في الإباحات، كما استباح أبو طلحة أكل البَرد وهو صائم، واستباح حذيفة السحور بعد ظهور الضوء المنتشر حتى قيل هو النهار، إلا أن الشمس لم تطلع، وغيرهما من الصحابة لم يقل بذلك، وجب الردّ إلى الكتاب والسنة).
الوجه الثاني :
قد جعل العلماء صنيع أبي طلحة رضي الله عنه اجتهادًا منه لم يتابع عليه، واتفق العلماء على عدم العمل بما ورد عنه.
قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (1/12): (فصل في سرد أحاديث اتفق العلماء على عدم العمل بها ... ومنها حديث أنس: في أكل البرد للصائم [5].
قلت : وعلى هذا وجب الرد إلى الكتاب والسنة [6].
قال الشاطبي في الموافقات (3/274):
(ومنها: أن يكون العمل القليل رأيًا لبعض الصحابة لم يتابع عليه؛ إذ كان في زمانه -عليه الصلاة والسلام- ولم يعلم به فيجيزه أو يمنعه؛ لأنه من الأمور التعبدية البعيدة عن الاجتهاد، كما روي عن أبي طلحة الأنصاري أنه أكل بردًا وهو صائم في رمضان؛ فقيل له: أتأكل البرد وأنت صائم؟ فقال: "إنَّما هو برد نزل من السماء نطهر به بطوننا، وإنه ليس بطعام ولا شراب).
الوجه الثالث :
أن الصحابة جعلوا فعل أبي طلحة أكلاً حيث قالوا له: أتأكل وأنت صائم؟
الوجه الرابع :
بأنَّ الصيام: هو الإمساك، وعند الفقهاء: هو التعبد لله بالإمساك عن المفطرات في وقت مخصوص.
والله تعالى يقول في القرآن: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [7].
فدلّ على أن الصيام لا أكل فيه ولا شرب، ولا يوجد الإمساك مع أكل البرد [8].
قلت : ولا يخفى على أحد أنَّ أصل البرد هو الماء.
ولما بلغ سعيد بن المسيب صنيع أبي طلحة رضي الله عنه كره ذلك وقال: إنه يقطع الظمأ [9].
الوجه الخامس :
(وقد يجوز أن يكون أبو طلحة كان يفعل ذلك قبل نزول هذه الآية [10] على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما نزلت صار إلى ما فيها وترك ما كان عليه مما يخالفه...) [11].
---------------------------------
(1) هو زيد بن سهل، الخزرجي النجاري، أحد أعيان البدريين، وأحد النقباء الأثني عشر ليلة العقبة، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة" وشهد بدرا، ومناقبه كثيرة، توفي رضي الله عنه سنة أربع وثلاثين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
هل أقرَّ الصحابة - رضي الله عنهم - أبا طلحة رضي الله عنه
حين أكل البرد وهو صائم ؟
إليك أثر أبي طلحة -رضي الله عنه- والجواب عنه من أوجه :
أولا : تخريج أثر أبي طلحة رضي الله عنه [1]:
أخرج أحمد (13971)، من طريق قتادة وحميد.
وأخرجه البزار (7428)، والطحاوي (5/115)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (19/420)، من طرق عن قتادة.
وأخرجه الطحاوي في المشكل (116)، من طريق ثابت.
ثلاثتهم (قتادة- حميد- ثابت) عن أنس رضي الله عنه قال:
مطرنا بردًا، وأبو طلحة صائم فجعل يأكل منه قيل له: أتأكل وأنت صائم؟ فقال: إنَّما هذا بركةٌ.
قلت : إسناده صحيح [2].
ثانيًا : الجواب عنه من وجوه :
الوجه الأول :
انفرد أبو طلحة رضي الله عنه بهذا القول ولم يوافقه عليه أحدٌ [3].
بل أنكروا عليه، كما في الأثر نفسه: قيل له: أتأكل وأنت صائم؟
قلت : وهذا إنكار.
قال البزار: (ولا نعلم روي هذا الفعل إلاَّ عَن أبي طلحة) [4].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وهكذا في الإباحات، كما استباح أبو طلحة أكل البَرد وهو صائم، واستباح حذيفة السحور بعد ظهور الضوء المنتشر حتى قيل هو النهار، إلا أن الشمس لم تطلع، وغيرهما من الصحابة لم يقل بذلك، وجب الردّ إلى الكتاب والسنة).
الوجه الثاني :
قد جعل العلماء صنيع أبي طلحة رضي الله عنه اجتهادًا منه لم يتابع عليه، واتفق العلماء على عدم العمل بما ورد عنه.
قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (1/12): (فصل في سرد أحاديث اتفق العلماء على عدم العمل بها ... ومنها حديث أنس: في أكل البرد للصائم [5].
قلت : وعلى هذا وجب الرد إلى الكتاب والسنة [6].
قال الشاطبي في الموافقات (3/274):
(ومنها: أن يكون العمل القليل رأيًا لبعض الصحابة لم يتابع عليه؛ إذ كان في زمانه -عليه الصلاة والسلام- ولم يعلم به فيجيزه أو يمنعه؛ لأنه من الأمور التعبدية البعيدة عن الاجتهاد، كما روي عن أبي طلحة الأنصاري أنه أكل بردًا وهو صائم في رمضان؛ فقيل له: أتأكل البرد وأنت صائم؟ فقال: "إنَّما هو برد نزل من السماء نطهر به بطوننا، وإنه ليس بطعام ولا شراب).
الوجه الثالث :
أن الصحابة جعلوا فعل أبي طلحة أكلاً حيث قالوا له: أتأكل وأنت صائم؟
الوجه الرابع :
بأنَّ الصيام: هو الإمساك، وعند الفقهاء: هو التعبد لله بالإمساك عن المفطرات في وقت مخصوص.
والله تعالى يقول في القرآن: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [7].
فدلّ على أن الصيام لا أكل فيه ولا شرب، ولا يوجد الإمساك مع أكل البرد [8].
قلت : ولا يخفى على أحد أنَّ أصل البرد هو الماء.
ولما بلغ سعيد بن المسيب صنيع أبي طلحة رضي الله عنه كره ذلك وقال: إنه يقطع الظمأ [9].
الوجه الخامس :
(وقد يجوز أن يكون أبو طلحة كان يفعل ذلك قبل نزول هذه الآية [10] على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما نزلت صار إلى ما فيها وترك ما كان عليه مما يخالفه...) [11].
---------------------------------
قال الذهبي: (وهو الذي كان لا يرى بابتلاع البرد للصائم بأسًا، ويقول: ليس بطعام ولا شراب).
انظر: سير أعلام النبلاء (2/27).
(2) صححه موقوفًا الإمام الدارقطني في العلل (6/11)، والشيخ الألباني في الضعيفة (1/154)،
والشيخ ربيع في تحقيقه للتوسل والوسيلة (233).
(3) في جميع ألفاظ الحديث ورد لفظ "الصوم" من غير إشارة إلى نوعه هل هو الصوم الواجب أو غير ذلك، ولم يرد في ألفاظه أنه كان من رمضان، إلا في الرواية المرفوعة المنكرة وقد بين العلماء نكارتها.
وجاء التصريح في رواية الطحاوي في المشكل (5/116). من طريق ثابت عن
أنس رضي الله عنه: قال كان أبو طلحة يأكل البرد وهو صائم فإذا سئل عن ذلك قال: بركة على بركة في التطوع.
(4) البحر الزخار (14/26).
(5) روي مرفوعًا؛ عند البزار (7427)، وأبي يعلى (1424) (3999)، والطحاوي في شرح المشكل (1864)، وأبو طاهر السلفي في الطيوريات (34)، من طريق علي بن زيد - وقد خالف مع ضعفه- فروايته منكرة، وقد أورد الجوزقاني المرفوع في الأباطيل (2/92-93)، وحكم عليه الألباني بالنكارة في الضعيفة (63).
(6) انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (233).
(7) البقرة: 187
(8) انظر: شرح مشكل الآثار (5/116)، قواطع الأدلة (2/14).
(9) هذا من زيادات رواية البزار وقد سبق تخريجها.
(10) وهي قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)
(11) شرح مشكل الآثار (5/116).
انظر: سير أعلام النبلاء (2/27).
(2) صححه موقوفًا الإمام الدارقطني في العلل (6/11)، والشيخ الألباني في الضعيفة (1/154)،
والشيخ ربيع في تحقيقه للتوسل والوسيلة (233).
(3) في جميع ألفاظ الحديث ورد لفظ "الصوم" من غير إشارة إلى نوعه هل هو الصوم الواجب أو غير ذلك، ولم يرد في ألفاظه أنه كان من رمضان، إلا في الرواية المرفوعة المنكرة وقد بين العلماء نكارتها.
وجاء التصريح في رواية الطحاوي في المشكل (5/116). من طريق ثابت عن
أنس رضي الله عنه: قال كان أبو طلحة يأكل البرد وهو صائم فإذا سئل عن ذلك قال: بركة على بركة في التطوع.
(4) البحر الزخار (14/26).
(5) روي مرفوعًا؛ عند البزار (7427)، وأبي يعلى (1424) (3999)، والطحاوي في شرح المشكل (1864)، وأبو طاهر السلفي في الطيوريات (34)، من طريق علي بن زيد - وقد خالف مع ضعفه- فروايته منكرة، وقد أورد الجوزقاني المرفوع في الأباطيل (2/92-93)، وحكم عليه الألباني بالنكارة في الضعيفة (63).
(6) انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (233).
(7) البقرة: 187
(8) انظر: شرح مشكل الآثار (5/116)، قواطع الأدلة (2/14).
(9) هذا من زيادات رواية البزار وقد سبق تخريجها.
(10) وهي قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)
(11) شرح مشكل الآثار (5/116).