أرجى عمل بعد التوحيد
عند الصحابي الجليل خالد بن الوليد
عند الصحابي الجليل خالد بن الوليد
قال ابن المبارك في كتاب الجهاد (88) برقم (53) عن حماد بن زيد، حدثنا عبد الله بن المختار، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل -ثم شك حماد في أبي وائل- قال:
لما حضرت خالدا الوفاة قال: لقد طلبت القتل مظانه، فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عملي شيء أرجى عندي بعد أن لا إله إلا الله من ليلة بتها، وأنا متترس، والسماء تهلني تمطر إلى صبح حتى نغير على الكفار، ثم قال: إذا أنا مت فانظروا في سلاحي وفرسي، فاجعلوه عدة في سبيل الله فلما توفي خرج عمر إلى جنازته، فقال: ما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد دموعهن ما لم يكن نقعًا أو لقلقة.
قلت: إسناده حسن.
وأول الأثر فيه نظر! بخلاف قول عمر رضي الله عنه
فكثير من الرواة اقتصروا على قول عمر إلا عاصم بن بهدلة -وفيه مقال- زاد ما جاء في أوله.
والنقع: رفع الصوت.
قال أبو عبيد رحمه الله في غريب الحديث (3/275): (وأما النَّقع الذي في حديث عمر -رضي الله عنه- فإنه عندنا رفع الصوت على هذا رأيت قول الأكثر من أهل العلم وهو أشبه بالمعنى).
واللقلقة: هي الجَلَبة وكأنَّ اللقلقة حِكاية الأصوات إذا كثُرت. كما في غريب الحديث لابن قتيبة (1/431).
وأما البخاري -رحمه الله- فقد اختار أن النقع: وضع التراب على الرأس.
واللقلقة: رفع الصوت.
وقد ذكر هذا في كتاب الجنائز باب ما يكره من النياحة على الميت فقد علق أثر قول عمر رضي الله عنه.
وهو ما انتصر له ابن الأثير فقال في النهاية (5/109): (وهو أولى لأنه قرن به اللقلقة وهي الصوت فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد).
وفي الأثر فائدة : وهي أن خالدا رضي الله عنه مات في المدينة بخلاف ما عليه الأكثر أنه مات في حمص.
وهذا ما انتصر له الحافظ في الإصابة (3/179).
ويؤكده ما جاء في تاريخ دمشق (16/277) من طريق يزيد بن الأصم قال لما توفي خالد بن الوليد بكت عليه أم خالد فقال لها عمر: يا أم خالد، أخالدًا وأجرَه تُرْزئين جميعا، عزمت عليك أن لا تبيتي حتى تسودَّ يداك من الخضاب).
وصححه الحافظ في الإصابة (14/172).