بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ...
فهذه إجابة من الشيخ الفاضل عرفات بن حسن المحمدي - حفظه الله - على سؤال الأخ أبي عبد الله الشعيبي في شبكة سحاب السلفية
السؤال :
وهل يصح أن يكون الإجماع صارفا لما ظاهره الوجوب من نصوص الوحيين ؟وهل هناك أمثلة لذلك ؟
الجواب :
نعم يستدل بالإجماع في صرف الأمر عن الوجوب إلى غيره .
وإليك الأمثلة التالية :
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم : "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" .
قال النووي في شرح مسلم (6/219) :
(والأمر بهذا التلقين أمر ندب وأجمع العلماء على هذا التلقين) .
فهذا مثال ظاهر على أن الإجماع يصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب.
ومثال آخر ما قيل في حديث - ضعفه الألباني - :
" وآمروا النساء في بناتهن "
قال الشافعي في الأم (5/168) :
(وَلَا يَخْتَلِفُ الناس أَنْ ليس لِأُمِّهَا فيها أَمْرٌ وَلَكِنْ على مَعْنَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ) .
وكذلك الأمر في قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ في الأم في الموضع نفسه :
(وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) لَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدٍ رَدَّ مَا رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَكِنْ لِاسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِمْ ، وَلِيُقْتَدَى بِسُنَّتِهِ فِيهِمْ .)
مثال ثالث ورابع ...: قيام الليل وإفشاء السلام جاء الأمر بهما في حديث واحد : (أفشوا السلام ...وصلوا بالليل والناس نيام)
ونقل الإجماع على استحبابهما ابن عبدالبر في التمهيد حيث قال (13/209) :
(وهو قول متروك - يعني القول بوجوب قيام الليل- والعلماء على خلافه والذي عليه العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين أن ذلك فضيلة لا فريضة) .
ومما قرره مشايخنا أن الإجماع إذا خالف نصاً جمعنا بينهم ؛ حتى لا يهدر دليل الإجماع، والجمع بين الدليلين متحتم ما أمكن .
وفي مسألتنا نستدل بالإجماع على الاستحباب ، ويؤكد الاستحباب ما في الحديث نفسه من الأمر بالصدقة والدعاء، فهل نقول بظاهر هذا الأمر فنوجب الدعاء والصدقة ..
وهناك رسالة دكتوراة من مطبوعات الجامعة الإسلامية :
(ضوابط صرف الأمر والنهي عن الوجوب والتحريم وأثره في الأحكام الشرعية) للدكتور خالد بن شجاع العتيبي راجعها جزيت خيراً .