بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال بارك الله فيكم وفي علمكم :
لماذا خصص عبد الله بن أحمد بن حنبل باباً كاملاً في كتابه السنة يوضح فيه أن أبا حنيفة على مذهب جهم ونقل آثاراً عن ابن المبارك وسفيان بن عيينة ومالك وأبي إسحاق الفزاري وكثيرة هي النقولات على أن أبا حنيفة على مذهب جهم وأنه استتيب من الكفر !بينما الإمام الطحاوي نقل اعتقاد أبي حنيفة والصاحبين على أنه في جملة اعتقاد السلف ووافقهم إلا في القليل ؟
الجواب :
الكلام في الرجال وبيان خطأ المخطئ من ديننا وهو من أعظم الجهاد إذا أخلص صاحبه، وأراد وجه الله والدار الآخرة، وما كُتبت كتب الجرح والتعديل إلا حفاظًا على هذا الدين، وحفاظًا على سنة سيد المرسلين.
وما سطره الإمام عبد الله بن أحمد رحمه الله في كتابه السنة (1) هو من هذا الباب الذي قصد صاحبه بيان السنة والرد على المخالف، وقد ساق الإمام عبد الله كلام الأئمة بسنده، فكتبه نصحًا للأمة.
وبقي أن نعرف كيفية التعامل مع هذه الآثار؟
فأقول : إن هذه الآثار منها الصحيح ومنها الضعيف، فما كان صحيحًا نظرنا فيه هل هو من كلام الأقران بعضهم في بعض؟ -مع أن كلام الأقران لا يرد على إطلاقه-، ثم ننظر هل يوجد ما يعارض هذا الصحيح من كلام الأئمة؟ وهل وجد ما يثبت توبة المخطئ من خطئه، ومن نظر في كتاب السنة للإمام أحمد رحمه الله ظهر له جليًا أن الطعن في أبي حنيفة رحمه الله بسبب أربعة أمور:
الأول: القول بخلق القرآن.
الثاني: القول بالخروج على أئمة الجور.
الثالث: بدعة الإرجاء.
الرابع: الأخذ بالقياس والرأي وترك السنن والآثار.
فنسبة القول بخلق القرآن إلى أبي حنيفة لم تصح عند الكثير من العلماء وصحت عند آخرين، ومن أشهر من برَّأ أبا حنيفة ونفى عنه نسبة القول بخلق القرآن الأمام أحمد رحمه الله فقد أخرج الخطيب في تاريخه (13/383) عن أحمد: لم يصح عندنا أن أبا حنيفة كان يقول: القرآن مخلوق (2).
وذكر أحمد رحمه الله في كتابه (الرد على الجهمية) أن أصحاب أبي حنيفة هم الذين تابعوا جهمًا بالقول بخلق القرآن (104-105).
وفي التاريخ الكبير للبخاري لم ينسب إليه غير بدعة الإرجاء فقال (8/81): (كان مرجئًا سكتوا عنه وعن رأيه وعن حديثه) (3).
كما أننا لا نغفل أن أبا حنيفة كان له حفيد يقال له إسماعيل بن حماد وهو جهمي كذاب مفترٍ وكان من دعاة المأمون إلى القول بخلق القرآن، وكان هذا الكذاب ينسب إلى أبيه وجده أبي حنيفة القول بخلق القرآن، ففي السنة لعبد الله بن أحمد (1/182) بإسناد صحيح أنه كان يقول: هو دينه ودين آبائه - يعني القول بخلق القرآن -
وفي السنة (1/228) لما ولي القضاء هذا الجهمي كان يقرر ذلك ويقول: هو ديني ودين آبائي!
ومثله ما يصنعه الأحناف المتعصبة من نسبة عقائد فاسدة لأبي حنيفة، فقد قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (5/261):
(وكذلك الحنفي يخلط بمذاهب أبي حنيفة شيئًا من أصول المعتزلة، والكرامية، والكلابية ويضيفه إلى مذهب أبي حنيفة).
فلو سلمنا جدلاً أن أبا حنيفة -رحمه الله- كان يقول بخلق القرآن فقد رجع عن ذلك إلى عقيدة السلف بلا ريب ولا أدنى شك. وهو ما قرره أبو حنيفة في الكتب التي نسبت إليه كالفقه الأكبر برواية ولده حماد، ووصيته، ورسالته لعثمان البتي، وقد تتابع المحققون على النقل منها وإثباتها كابن تيمية وابن القيم والذهبي.
وهو ما تناقله الأئمة الكبار من أصحابه كأبي يوسف ومحمد بن الحسن، فقد سأل محمد ابن سابق أبا يوسف: أكان أبو حنيفة يقول: القرآن مخلوق؟ قال: معاذ الله، ولا أنا أقوله، فقلت: أكان يرى رأي جهم؟ فقال معاذ الله ولا أنا أقوله (4).
وقال أبو يوسف: كلمت أبا حنيفة رحمه الله تعالى سنة جرداء في أن القرآن مخلوق أم لا؟ فاتفق رأيه ورأيي على أن من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر (5).
وروى اللالكائي (6) بإسناده عن عبد الله بن المبارك أنَّه قال: (والله! ما مات أبو حنيفة وهو يقول بخلق القرآن، ولا يدينُ الله به).
ثم ما قرره الطحاوي حيث أثبت أن عقيدة أبي حنيفة هي عقيدة السلف.
وعندما نقل اللالكائي (7) إجماع أهل السنة على القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق ذكر منهم أبا حنيفة وأنه من القائلين بعقيدة السلف.
ولعل تعلق أبي حنيفة في أول أمره بعلم الكلام كان سببًا في وقوعه في القول بخلق القرآن -على القول بثبوته عنه- فقد بلغ مبلغًا يشار إليه بالأصابع في علم الكلام وكان يسميه الفقه الأكبر، ثم تحول عن علم الكلام إلى فقه الشريعة كما في تاريخ بغداد (13/333).
وبعدها صار يحذر من علم الكلام وينهى عنه ويقول عنه: (مقالات الفلاسفة عليك بالآية وطريقة السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة) كما في الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (1/115-116).
وقد ثبت أن أبا حنيفة يرى كفر الجهم بن صفوان (8)، فحكمه عليه بالكفر دليل على كفر القائل بخلق القرآن عند أبي حنيفة رحمه الله.
يقول الشيخ الألباني رحمه الله في مختصر كتاب العلو (156):
(إلا أنني دققت النظر في بعضها فوجدته لا يخلو من قادح ولعل سائرها كذلك لاسيما وقد روى الخطيب عن الإمام أحمد أنه قال: لم يصح عندنا أن أبا حنيفة كان يقول القرآن
القرآن مخلوق.
قلت (الألباني): وهذا هو الظن بالإمام أبي حنيفة رحمه الله وعلمه، فإن صح عنه خلافه، فلعل ذلك كان قبل أن يناظره أبو يوسف، كما في الرواية الثابتة عنه في الكتاب، فلما ناظره ولأمر ما استمر في مناظرته ستة أشهر، اتفق معه أخيرا على أن القرآن غير مخلوق وأن من قال القرآن مخلوق. فهو كافر.
وهذا في الواقع من الأدلة الكثيرة على فضل أبي حنيفة، فإنه لم تأخذه العزة، ولم يستكبر عن متابعة تلميذه أبي يوسف حين تبين له أن الحق معه، فرحمة الله تعالى عنه). -انتهى-
قلت : فإن صح عنه القول بخلق القرآن فقد رجع عنه، فصار اعتقاده هو اعتقاد سائر السلف.
ثانيًا:
ما يتعلق بالخروج بالسيف على الظلمة وأئمة الجور، فقد روى عبد الله في السنة بعض الآثار الصحيحة، ونقل الجصاص في أحكام القرآن (1/86) القول بالخروج على أئمة الجور، ولكن ما عليه أتباعه الأحناف -كالطحاوي وابن الهمام والبزدوي- تبرئة أبي حنيفة.
وقد بحثَ هذه المسألة الشيخ عبد الرحمن الخميس في رسالته الدكتوراه (أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة) ص (564-569) فتوصل إلى رجوعه عن ذلك.
ثالثا:
وأما الإرجاء فهو ثابت عنه، ولم يثبت رجوعه عنه -غفر الله له- والمرجئة أصناف، فأبو حنيفة من مرجئة الفقهاء الذين يرون العمل ليس من الإيمان ويرون أن الإيمان هو قول اللسان مع تصديق القلب، بل حتى أعمال القلوب عنده ليست من الإيمان، كما أنهم لا يرون الاستثناء في الإيمان، ويرون أهله فيه سواء.
ومما يشكل في هذا الباب ما أخرجه عبد الله بن أحمد (1/219) بإسناد صحيح عن أبي إسحاق الفزاري قال: كان أبو حنيفة يقول: إيمان أبي بكر وإيمان إبليس واحد قال إبليس: يا رب. وقال أبو بكر: يا رب.
فلو سلمنا جدلا أنه أراد التساوي بالإقرار فهل يصح أن يقال إن إيمانهم واحد! فهذا باطل!
والجواب أن يقال أنه قد ثبت عنه القول بأن الإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالقلب مع وجوب الأعمال -إلا أنه ليست من الإيمان- كما أنه يذم مرتكب المنهيات.
وأجمل ما يقال في هذا ما قاله شيخ الشافعية في اليمن أبو الخير العمراني في كتابه الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (3/799): (وأنا أشرف أبا حنيفة من هذه المقالة، لأن الله سبحانه جعله إمامًا لخلق كثير من أهل الأرض ... ولعله كان يقول بهذا ثم تاب عنه).
رابعًا:
وأما ما يتعلق بالأخذ بالقياس والرأي وترك السنن والآثار، فإن الأئمة أخذوا على أبي حنيفة توغله في اعتبار الرأي وقلة الأخذ بالسنن والآثار، مع جزمنا بعلو شأنه في الفقه والفهم.
قال الشافعي رحمه الله كما في تاريخ الخطيب (13/346): (من أراد أن يعرف الفقه، فليلزم أبا حنيفة وأصحابه، فإن الناس كلهم عيال عليه في الفقه) (9).
وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة (2/619-620):
(كما أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء وأنكروها عليه فلا يستريب أحد في فقهه وفههمه وعلمه وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه وهي كذب عليه قطعا مثل مسألة الخنزير البري ونحوها).
فانشغاله بالفقه واستنباط المسائل كان سببًا عن انشغاله عن الحديث ودراسته، فهو مقل في الحديث (10)، ولا نشك أنه -رحمه الله- لا يتعمد مخالفة الحديث ولا يترك السنة للقياس، بل الثابت عنه أنه كان يأخذ بالحديث الضعيف ويقدمه على القياس، وقد ضرب ابن القيم عدة أمثله على أن الأحناف قد أجمعوا أن على أن الحديث الضعيف عند أبي حنيفة أولى من القياس والرأي (11). كما نلحظ أن البيئة التي عاش فيها (في الكوفة) كانت عصرًا كثر فيه الوضع والكذب، ويؤكد ذلك تراجع تلاميذه كأبي يوسف ومحمد بن الحسن عن كثير من أقوال أبي حنيفة لوقوفهم على سنن لم يقف عليها أبو حنيفة حتى قال أبو يوسف: لو رأى صاحبي -يعني أبا حنيفة- مثل ما رأيت لرجع مثل ما رجعت (12).
وذكر بعض أهل العلم أن سبب اهتمام السلف بمثالب أبي حنيفة؛ لأنه كان يأخذ بالرأي ويترك السنن، ومنهم ابن عبد البر عند شرح حديث "البيعان بالخيار" (13) حيث قال رحمه الله في التمهيد (14/13-14):
(وهذا مما عيب به أبو حنيفة وهو أكبر عيوبه وأشدُّ ذنوبه عند أهل الحديث الناقلين لمثالبه، باعتراضه الآثار الصحاح ورده لها برأيه وأما الإرجاء المنسوب إليه فقد كان غيره فيه أدخل وبه أقول لم يشتغل أهل الحديث من نقل مثالبه ورواية سقطاته مثل ما اشتغلوا به من مثالب أبي حنيفة والعلة في ذلك ما ذكرت لك لا غير وذلك ما وجدوا له من ترك السنن وردها برأيه أعني السنن المنقولة بأخبار العدول الآحاد الثقات والله المستعان).
وقد دافع ونافح جملة من المحققين عن أبي حنيفة منهم شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وغيرهم.
يقول شيخ الإسلام كما في المجموع (5/256):
(وكذلك أبو حنيفة - رحمة الله عليه - فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد هؤلاء واعتقاد هؤلاء هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وهو ما نطق به الكتاب والسنة).
ويقول رحمه الله في منهاج السنة (2/106):
(إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ويقولون إن الله يرى في الآخرة هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل).
وقال كما في المجموع (7/403):
(ولكن من رحمة الله بعباده المسلمين أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق مثل الأئمة الأربعة وغيرهم كمالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وكالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ؛ كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن والإيمان وصفات الرب وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف من أن الله يرى في الآخرة وأن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان).
وقد اعتمد ابن القيم قول أبي حنيفة في عدة مسائل في الأصول ونقل عنه من كتاب الفقه الأكبر كما في كتابه (اجتماع الجيوش الإسلامية).
وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب في مؤلفاته (1/96):
(وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد فنحن مقلدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى).
لا نتهم سلفنا الصالح فيما نسبوه إلى أبي حنيفة بل هم أهل صدق وديانة، ولكن نعتقد أن المحققين كشيخ الإسلام وتلاميذه وأئمة الدعوة والألباني وغيرهم من أهل العلم دافعوا عن أبي حنيفة لأمرين:
الأمر الأول: أن بعض ما نسب إليه لم يصح.
والأمر الثاني: أنه رجع عن كثير مما قال إن صحت نسبة ذلك إليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه : أبو الربيع عرفات بن حسن المحمدي
___________ ( الحاشية ) ___________
(1) لم ينفرد الإمام عبد الله بذكر هذه الآثار بل سبقه جمع من أهل الحديث منهم أحمد في كتابه العلل ومعرفة الرجال (1/486) (2/329) (2/545-547) (3/164) (3/239) (3/276)، والبخاري في الضعفاء (132)، وأبو زرعة الرازي كما في سؤالات البرذعي (2/570) (2/755)، ومنهم العُقيلي (322هـ) في كتابه الضعفاء (4/1407-1412)، والأشعري (324هـ) في الإبانة (342-349).
وقد نقح هذه الآثار الشيخ العلامة مقبل الوادعي رحمه الله في كتابه (نشر الصحيفة في الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة).
(1) وأنعم بها من شهادة من إمام صار علمًا لنفاحه عن عقيدة السلف أيما نفاح، فهو الذي امتحن في فتنة خلق القرآن فصبر واحتسب وصار إمامَ أهل السنة لدفاعه عنها وعن أهلها.
(3) قال المعلمي في تعليقه على التاريخ الكبير (4/127): (والأكثر على إنكار أن يكون أبو حنيفة رحمه الله قال بخلق القرآن، وقيل إنه مكث مدة يبحث وينظر ثم جزم بأن القرآن غير مخلوق، وقيل إنه قال أولا مخـلوق ثم رجع).
(4) أخرجه البيهقي في (الأسماء والصفات) (1/611) وقال: رواته ثقات.
(5) أخرجه البيهقي في (الأسماء والصفات) (1/611) وقال: رواة هذا كلهم ثقات.
(6) شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/298).
(7) شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/297).
(8) أخرجه الخطيب في تاريخه (13/382).
(9) قال الذهبي في السير (6/403) معلقًا على قول الشافعي: (الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام -يعني أبا حنيفة- وهذا أمر لا شك فيه).
(10) سأل بعض الأحناف الإمام الذهبي أن يجمع لهم أحاديث أبي حنيفة، فتوقف وسهل الأمر في ذلك وعلل ذلك بقلة أحاديث أبي حنيفة، فلم يعجب ذلك لمتعصبة أبي حنيفة، فتركوه حتى خرج على الجامع سحَرًا فأدخلوه إلى بعض المدارس وعاتبوه على توقفه وأوهموه أنهم يريدون ذبحه! فتلطف بهم وأنعم لهم بما طلبوا وجمع لهم شيئا سماه (صحيفة نظيفة من حديث أبي حنيفة).
انظر: تعريف ذوي العلا بمن لم يذكره الذهبي من النبلاء ص (50). لتقي الدين الفاسي (832 هـ).
قلت: ومن عنوان الذهبي اقتبست عنوان هذه الوريقات.
(11) انظر: إعلام الموقعين (1/77).
(12) انظر: مجموع الفتاوى (20/304).
(13) حيث إن أبا حنيفة تأول هذا الحديث فجعل التفرق بالكلام لا بالأبدان، وهذه المسألة ليست من مفرداته بل وافقه فيها الإمام مالك رحمه الله كما في الموطأ (2/671).
وقد اشتد نكير ابن أبي ذئب على مالك لعدم أخذه بحديث خيار المجلس.
قال أحمد: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكًا لم يأخذ بحديث "البيعان بالخيار" فقال: يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه. انظر: طبقات الحنابلة (2/55).
قال الذهبي في السير (7/143): (فكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعول على كثير منه، فلا نقصت
جلالة مالك بقول ابن أبي ذئب فيه، ولا ضعف العلماء ابن أبي ذئب بمقالته هذه، بل هما عالما المدينة في زمانهما رضي الله عنهما)