الثلاثاء، 3 يوليو 2012

هل ورد أن عالماً من علماء السنة قام بالنصيحة لولاة الأمر علناً ؟ وكيف يتم توجيه كلام أهل العلم عند الكلام على ما يجب فعله على الولاة ؟


بسم الله الرحمن الرحيم

( السائل من الجزائر )

والجواب من المدينة النبوية :

من الشيخ الفاضل أبي الربيع عرفات بن حسن المحمدي - حفظه الله -

بتاريخ : يوم الثلاثاء 8 جماد الآخر 1432 هـ الموافق 12 إبريل 2011 م

السؤال :

هل ورد أن عالماً من علماء السنة قام بالنصيحة لولاة الأمر علناً ؟ وكيف يتم توجيه كلام أهل العلم عند الكلام على ما يجب فعله على الولاة ؟


الجواب :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من أصول أهل السنة والجماعة السمع والطاعة لولاة الأمور، فيصبرون على أذاهم مع الحرص على اجتماع الكلمة ووحدة المسلمين على الحق، فيقيمون مع ولاة الأمر الحج والجمع والأعياد والجهاد سواء كانوا أبراراً أو فجاراً ما لم يروا كفراً بواحاً، بل وإن منعونا حقوقنا فيجب السمع والطاعة في المعروف.
وعلى هذا فإنه لم يرد أن عالِماً من علماء السنة أعلن النصيحة لولاة الأمر، وإن ثبت ذلك عن أحد من العلماء فليس صنيعه حجة، ولا يحتج بزلات وأخطاء الناس وإن كانوا علماء.
وأما كلام أهل العلم في كتبهم ومؤلفاتهم فيما يجب على ولاة الأمر فعله لا يخالف الأوامر النبوية بالصبر على ولاة الأمر وعدم الخروج عليهم، لأن كلام أهل العلم موجه لكل من تولى أمر المسلمين، وهو تأصيل علمي لهذه المسائل، وسواء كان ذلك في كتب الأحكام السلطانية، أو كتب السياسة الشرعية، أو كتب العقيدة.
وهذا من باب الأمر بالمعروف، وإذا تقاعس أهل العلم- وحاشاهم- عن بيان واجبات الراعي والرعية فمن سيبين هذه الواجبات، وقد أخذ الله الميثاق عليهم في بيان الحق وعدم كتمانه.
وقد قال أبو يعلى الحنبلي في الأحكام السلطانية: (ويلزم الإمام من أمور الأمّة عشرة أشياء: أحدها: حفظ الدين على الأصول التي أجمع عليها سلف الأمة...).
وهذه الواجبات إنما استقاها العلماء من النصوص النبوية كقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام الأعظم الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته...".
ورحم الله الإمام ابن باز فقد كان كثيرا ما يوجه ولاة الأمر إلى القيام بواجباتهم بأسلوب رفيق خالٍ من التهييج وإثارة الغوغاء والدهماء مع دعائه لهم بالصلاح والمعافاة كقوله رحمه الله (4/164): (فيجب على ولاة الأمر القضاء على ذلك -يعني الغناء والمعازف- والمنع منه والضرب على أيدي من يدعو إليه أو يفعله...).
وقال في (8/404): (وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم، أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون، وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة.)
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين, وأن يوفق ولاة الأمر للتمسك بشريعته والحذر مما خالفها إنه خير مسئول.
والله الموفق.